التكوين أثناء الخدمة وأثره على الأداء التدريسي
في عصر يتسم بالتغيرات السريعة والمعارف المتجددة، لم يعد التكوين الأولي كافيًا لتلبية حاجات المربين، خاصة في مجال التكوين المهني الذي يتطلب مواكبة مستمرة للتطورات التقنية والبيداغوجية. وهنا يبرز دور التكوين أثناء الخدمة كأداة استراتيجية لتحسين الأداء التربوي وضمان جودة التعلمات.
ما هو التكوين أثناء الخدمة؟
التكوين أثناء الخدمة هو مجموعة من الأنشطة المنظمة التي تهدف إلى تحديث معارف ومهارات المكونين وهم على رأس عملهم. يمكن أن يكون في شكل دورات، ورشات، زيارات ميدانية، أو تعلم ذاتي منظم. يهدف إلى تطوير القدرات المهنية والتربوية ومواكبة المستجدات العلمية والبيداغوجية.
أهداف التكوين المستمر للمكونين
- تحسين الممارسات التعليمية وتبني طرق بيداغوجية فعالة.
- مواكبة التطورات التكنولوجية والتخصصية في مجال التكوين.
- تعزيز الثقة بالنفس والقدرة على التفاعل مع التحديات الصفية.
- نشر ثقافة التقييم الذاتي والتحسين المستمر.
- تجديد العلاقة بين الأستاذ والمتعلم، وتحفيز التفاعل داخل القسم.
أنواع التكوين أثناء الخدمة
1. التكوين النظامي (Formel)
يتمثل في الدورات المبرمجة رسميًا من طرف مؤسسات التكوين أو هيئات مركزية، وغالبًا ما تتعلق بمواضيع محددة (بيداغوجيا، تقنيات جديدة...).
2. التكوين الذاتي (Autoformation)
يعتمد فيه المكون على نفسه لتطوير كفاءاته من خلال المطالعة، الموارد الرقمية، المجتمعات المهنية عبر الإنترنت، أو مشاريع فردية.
3. التكوين عبر الزملاء (Entre pairs)
يتم عبر تبادل الخبرات داخل المؤسسة أو الفريق البيداغوجي، وهو فعال جدًا لأنه نابع من الواقع الميداني للمكونين.
4. التكوين الميداني (Stage en entreprise)
يسمح للمكون بالتعرف على الممارسات المهنية الحقيقية، مما يعزز قدرته على إعداد وضعيات واقعية وتقريب التكوين من متطلبات سوق الشغل.
أثر التكوين أثناء الخدمة على الأداء التدريسي
1. تحسين التخطيط البيداغوجي
يساعد التكوين المستمر الأساتذة على تصميم أنشطة تعليمية أكثر فعالية، تتماشى مع مقاربة الكفاءات وتراعي حاجات المتعلمين.
2. تنويع الوسائل التعليمية
من خلال التكوين، يتعرف الأستاذ على أدوات بيداغوجية وتقنية جديدة، ويطور قدراته في استخدام الموارد الرقمية أو التكنولوجية.
3. رفع فعالية التواصل داخل القسم
يكتسب المكونون استراتيجيات في إدارة القسم، تشجيع النقاش، التعامل مع الفروقات الفردية، وتحفيز المتعلمين على المشاركة.
4. تعزيز ثقافة التقييم والتقويم
يصبح التكوين فرصة لتطوير أدوات التقييم، وفهم كيفية قياس الكفاءات بطريقة عادلة وناجعة، بعيدًا عن الطرق التقليدية.
شروط نجاح التكوين أثناء الخدمة
- تحديد حاجات التكوين بدقة بناءً على تشخيص فعلي للممارسات الميدانية.
- ربط التكوين بواقع المتكونين وتخصصاتهم المهنية.
- تنويع صيغ التكوين بين الحضوري، الرقمي، التفاعلي والميداني.
- مرافقة تطبيق التكوين داخل القسم بآليات دعم ومتابعة.
- تشجيع العمل الجماعي وتبادل الخبرات بين الزملاء.
عوائق تحول دون فعاليته
- نقص التمويل والموارد البشرية المؤهلة لتأطير التكوينات.
- ضعف المتابعة بعد التكوين، مما يجعل أثره ضعيفًا أو مؤقتًا.
- نقص الحوافز المعنوية والمادية للأساتذة للمشاركة الفعلية.
- غياب ثقافة التحسين المستمر لدى بعض الفاعلين التربويين.
خاتمة
يعتبر التكوين أثناء الخدمة ركيزة أساسية لتحديث التعليم والتكوين المهني. فهو لا يقتصر على سدّ النواقص، بل يشكل عملية ديناميكية لتجديد الفعل التربوي وبناء أطر قادرة على الاستجابة لمتطلبات القرن 21. ولكي يكون فعالًا، لا بد من إرادة مؤسساتية، واستثمار فعلي في المورد البشري، وتعزيز ثقافة التطوير الذاتي والجماعي.